.png)
يلفت انتباه المارة بلوحاته المعروضة أمامه على الرصيف ، منهم من يتوقف ليتأمل الإبداع ،ومنهم من يسترق النظر على عجالة ،لكنه يحتفظ بذاكرته بسحر ما رآه.كل من توقف أمام لوحاته تأسره الدهشة ،وهو يرقب سرعة ما تخطه يده بقلم الرصاص على الورق الأبيض أمامه ، فنظرته الحادة تلتقط أدق تفاصيل أمامه ليقدمها في لوحاته الفنية المحمّلة بالإبداع.
لوحاته تسلب الألباب ،وأضفت على شارع الجامعة الأردنية عبقا يبعث على الرغبة في الاقتراب من لوحاته ،التي تحمل بين طياتها الروعة والجمال ، والانضمام للأشخاص الملتفين حول إبداعه في الرسم من عرب وأجانب ، الطالبين منه أن يرسم لهم لوحة كقبة الصخرة او المسجد الأقصى المعلقة بجانبه بالإضافة إلى رسم وجوههم.
بعد فراغه من عمله حيث كان مشغولا برسم وجه إحدى المارة ، اقتنص ملحق "أبواب -الرأي " الفرصة للتعرف عليه وبعد الحديث معه ،
فأخبرنا بأنه فنان تشكيلي يدعى مازن محمد فهد جرار ، هو فنان يحول بقلمه الورق الأبيض الصامت الى لوحات فنية نابضة بالحياة.
تعلم جرار الرسم منذ طفولته في قرية الجمال والطبيعة الخلابة صانور في جنين في فلسطين ، حيث كانت البدايات , فكان لنشأته القروية أثر كبير على صقل موهبته ،فاستلهم رسوماته من جماليات الريف والمناظر الطبيعية للقرى الفلسطينية.
ويضيف جرار أنه يعشق رسم التاريخ من خلال رسمه للمواقع والأماكن الأثرية الموجودة في قرى ومدن فلسطين المتعددة ،فرسم القلعة الأثرية في قريته صافور التي كان لها الأثر في التفاف جميع عشائر فلسطين وشحذ هممهم للانضمام لحاكم عكا محمد باشا الجزار لقتال جيوش نابليون ودحر قواتهم ، مشيرا إلى أن القلعة دخلت في اليونسكو كمنطقة أثرية ، وبالإضافة الى عدة مواقع أثرية أخرى في القرى المجاورة لقريته كالقرية الجديدة التي تمتاز بطبيعتها الساحرة ، وقرية سبسطية المليئة بالآثار الرومانية والقبطية والعثمانية ، وأيضا قرية برقين التي يوجد في أحضانها الكنيسة التي استراح بها السيد المسيح خلال رحلته بين القدس والناصرة.
ويتابع جرار أن للحياة الشعبية في قريته جزء جميل من رسوماته حيث رسم التفاصيل الحياتية لأهل قريته وتقاليدهم وأزياءهم الرسمية والتقليدية ، فكانت رسوماته الجميلة منذ طفولته بمثابة توثيق تاريخي للحياة اليومية في قريته صافور ، حيث رسم جلسات السكان، وما يتناولونه من مشروبات في الصباح والمساء،وجسد أدوات العادات التقليدية القديمة مثل "فرن الطابون " والتي ما زالت حاضرة ليومنا هذا " ونمليات الخزين " وهي عبارة عن خزانة خشبية ، كما قام برسم البوابات ومداخل القرية.
ويتنقل جرار بين الحين والآخر حاملا لوحاته من شارع الى شارع مشيرا أن الرسم على الطريق صار المكان الأفضل للتقييم الفني الذي يحمله بجعبته ووجدانه حيث يكون أكثر قربا من الناس ، فالغالبية أصبحوا لا يأتون إلى المعارض الفنية بسبب الظروف الاقتصادية ،ومشاغل الحياة.لذلك قرر أن يأتي بنفسه للناس ويكون بينهم ناثرا فنه وإبداعه وشغفه بالرسم للجميع فهذا جزء من رسالته الفنية.
ويشير جرار إلى أن أكثر ما يطلبه المهتمون بالفن وجمالياته رسم وجوههم بالإضافة إلى لوحات تزين الجدران في بيوتهم كتحف للبيت ، والغالبية يطلبون رسومات لقبة الصخرة والمسجد الأقصى وخصوصا أهالي منطقة الخليج العربي ،وأكثرهم من دولة عُمان والسعودية واليمن بالإضافة الى الأتراك وأهل الصين من الطلبة الذين يدرسون في الجامعة الأردنية ، و المقيمين بالأردن.
الفنان التشكيلي جرار عضو رابطة الفنانين التشكيليين في الأردن ، فهو يمتلك موهبة منذ الطفولة ،ولم يدرس الفن ، فقد كان يرسم الأهل من الإخوة والأقرباء ،ومن ثم انتقلت عائلته إلى عمان بعد ما أنهى دراسته الثانوية عام 1985.
ويذكر جرار أن للعاصمة عمان أثر كبير في صقل موهبته الإبداعية ،وذلك لتوفر الإمكانيات والمراكز الإبداعية فيها ومشاركته بدورة عقدتها وزارة الثقافة الأردنية في مركز مهنا الدرة.
ويقول جرار أنه يرسم ما تقع عليه عينه فالفن التشكيلي واسع الآفاق ومتعدد المجالات ويدخل في تفاصيل الحياة مبينا أنواع الفن التشكيلي والتي منها التجريدي والانطباعي والتعبيري والسرياني. ويبين جرار أنه لا بد من إظهار هوية الأردن الفنية من خلال اللوحات الفنية في رسم كل المناطق الأثرية والطبيعية ،وأن على كل فنان أردني أن يرسم للأردن ، ويتمنى أن يكون هذا العمل جماعيا للوصول الى هوية فنية أردنية مستوحاة من حضارته التاريخية.
ويتمنى جرار دعم الفنانين الأردنيين لأن المعارض مكلفة جدا ، بالإضافة الى دعمهم في المشاركة في المعارض الدولية وأن لا تبقى محصورة بأسماء معينة وأن تفتح لكل المبدعين بالتساوي والأنصاف.

24/07/2018 10:45 am 2,519